الجمعة، 26 سبتمبر 2014

الإنسان كنقيض للطبيعة .



 رغم هذا الجمال  الذي تحويه الطبيعة إلا إن هذا لا يغطي حقيقتها المتوحشة ، فالطبيعة تعني سيادة القوة و انتصار العنف .


 إن الإنسان بمعناه المتجلي هو نقض للقوة ، فالإنسان لا يقدس القوة بل يناهض القوة ، فالقوة عدوة الضعف ، و الضعف ليس بجريمة .


 إن الإنسانية في جوهرها هي إعلان للتمرد على حق القوة ، فالإنسان حين يتضامن مع الضعيف إنما هو يعصي الطبيعة ويتمرد عليها ، فالطبيعة تملي عليه أن يسود ككائن أقوى ، لكنه يقاوم حيث يضحي القوي ليحيا الضعيف .


إن الإنسانية ببساطة تعني أن نخالف الطبيعة ، بل وان نحاول نقضها ، لان الطبيعة هي دعوة للتوحش ( سيادة الأقوى ، البقاء للأعنف ، الحياة لمن لم يبادر بالقتل أسرع ) في المقابل فالإنسانية هي ثورة على كل هذا الإجرام .


إن الطبيعة منهج لا أخلاقي .. غير عادل .. وغير رحيم ، إنها ببساطة  منهج  شرير بلا إرادة شريرة .. أما الإنسانية فهي بالأساس نزعة خيرة .


انه لا معنى لقوانين الطبيعة إلا أن الأقوى دائما هو الذي على حق  وهذا أمر لا يحمل أي معنى أخلاقي ، لهذا فلو قدر للإنسان أن يطيع الطبيعة لما كان لديه ضمير ، فالضمير هو سيادة للعدالة على منطق الأمر الواقع ، و سيادة لمنطق الرحمة على منطق القسوة ، و سيادة لقوة الحق ، على  منطق حق القوة .


 إن قصة تطور الإنسان في واقعها هي قصة ثورة الكائن الحي على الطبيعة .

شكرا .


هناك 8 تعليقات:

  1. أخي الكريم : ان كنت تؤمن بمادية الكون وبأن الحقائق لا تقوم الا على الأدلة المحسوسة والملموسة ، فهذا يستلزم منك أن تدرك بأن الانسانية ما هي الا امتداد للطبيعة لأنها مرحلة من مراحل تطورها..اذن وفق هذا المنظور الطبيعة هنا تتمرد على نفسها..(الطبيعة المتمثلة هنا في انسانية الهوموسابيان الثائر على وحشية الانسان النياندرتالي)

    شاكرة لك مقالك المتميز

    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. تحرية اختي الكريمة .

      هو بلا شك كون الانسان ابن الطبيعة فسيكون الاعتقاد ان افعاله غالبا هي نتاج الطبيعة ذاتها ، لكن ما يمنع هذا القول براي ان ثورة الانسان على الطبيعة لم تكن فعلا طبيعيا فيه ، فالطبيعة لم تخلق فيه غريزة ا لايثار او التضحية ، بل بالعكس هذه امور خلقها الانسان ، اما الطبيعة فهي تملي عليه حب النفس و غريزة البقاء ، لهذا فالوعي الانساني ليس وعيا طبيعيا ، بل هو وعي مستقل ، وربما يكون خطا الطبيعة انها خلقت وعيا غير وعيها بالصدفة ، فالوعي الطبيعي وعلى مدى مسيرة الكائن الحي كان هو الانتخاب الطبيعي القائم على حب البقاء وعلى محاولة النجاة بأي طريقة ، لكن الوعي الانساني تمرد على فكرة الانتخاب الطبيعي وقرر خوض غمار قيم اكثر انسانية ، ونقول انها انسانية فقط لانها مخالفة للقيم الطبيعية المتوحشة التي ندعوها بقيم الغاب (القوي ياكل الضعيف ) .
      شكرا لك وعلى مشاركة القيمة

      حذف
  2. أخي الكريم :

    هلا أوضحت أكثر كيف يخلق الانسان وعيه ؟ ألا ترى أنك تقفز مباشرة للاستنتاج بأن الوعي الانساني مستقل عن الطبيعة ، هكذا دون الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن العلوم التجريبية لا تقدم لنا أجوبة حاسمة عن ماهية الوعي و طبيعته ... فالوعي كما تعلم هو من أكبر الألغاز في الحياة ...

    برأيي أن القيم الطبيعية المتوحشة و القيم الانسانية كلها من نتاج الطبيعة ، و قد أثبتت الكثير من البحوث التجريبية أن الكثير من القيم التي كان يعتقد أنها انسانية محضة هي في الحقيقة ليست مختصة بالانسان وحده بل حتى الحيوانات تتحلى بها ...فالايثار و التعاطف و التضحية هي صفات قد نجدها حتى لدى الحيوانات ...

    و خارج اطار المناقشة ... أتمنى من صميم قلبي أن يكون رأيك هو الصائب لا رأيي أنا ...بمعنى أنني سأكون مسرورة لو أقتنع بصحة وجهة نظرك...

    شكرا على تفاعلك مع تعليقي ...

    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. تحية اختي الكريم .

      عذرا اختي الكريمة لكن ما قصدته ليس هكذا ، فانا لا اقول ان الانسان خلق وعيه ، لكن الذي حصل ان الوعي الانساني نشأ مستقلا عن ارادة الطبيعية ، فالاصل ان الطبيعة ادت الى تطور الذكاء في الانسان ، فالانتخاب الطبيعي ادى الى زيادة ذكاء الانسان كاحد الياته الدفاعية في الطبيعة (كما هي باقي الاليات لدى الحيوانات) لكن الذي حصل ان هذا الذكاء لم يستخدمه الانسان لحرب الوجود فقط ، لكنه استغله في امور اخرى مثل تطوير مفاهيم القيم والاخلاق وخلافه ، وهنا حصلت ثورة الانسان على الطبيعية ،ف الطبيعة منحتنا ذكاء وعقل لنستخدمه في التدمير والفتك بالاضعف منا (وهي الية الانتخاب الطبيعي) ، لكننا استخدمناه من اجل مساعدتهم على البقاء ، وهو ما يعني اننا ثرنا على الطبيعية بالاليات التي منحتها لنا الطبيعة ، لكن عموما يجب الانتباه اني حين اقول الانسان ، فانا اقصد الكائن البشري المتحلي بالقيم الانسانية ، وليس اي كائن بشري فعلى سبيل المثال النازية كانت تعتبر نفسها امتدادا لطبيعة الحياة المبيدة لللضعفاء ، ومنه قتل اليهود والغجر على اساس انهم عرق ادنى من العرق الاري القوي و المهين .

      شكرا

      حذف
  3. أخي الكريم :

    الانسانية و الوحشية..كلتاهما من صميم الطبيعة...و كلتاهما كامنتان في الانسان كمون النار في الحجر...بحيث أن الظروف الخارجية التي يتفاعل معها الانسان هي التي تعمل على قدح زناد احداهما على حساب الأخرى...و الظروف الخارجية هنا هي (المحيط الطبيعي و البيئة... المجتمع ...الموروث الثقافي و الديني للمجتمع... الفنون...العلوم...التمدن...الحضارة الخ)...

    هذه التفاعلات الحيوية هي التي تقوم بتفعيل الطبيعة الوحشية أو الانسانية الكامنة في البشر...و الدليل على ذلك هو أن الانسانية ليست وليدة عصرنا الحالي كما أن الوحشية لم تختفي الى يومنا هذا...كل ما في الأمر أن شكلها و أساليبها قد اختلفت عن السايق غير أنها بقيت قائمة رغم كل شيء...

    ردحذف
    الردود
    1. شخصيا اختلف معك اختي ، فالوحشية من صميم الطبيعة ، لكن الانسانية و الوحشية من طبيعة البشر ، وما يميز البشري عن الانسان ان الانسان يرتقي باخلاقه ليكون رحوما عطوفا ومتسامحا ، وهذه قيم خلافا لقيم الطبيعة للحيوان القائمة على البطش ، اما البشري المنحاز لغرائزه فهو من يفعل ،

      تشكر

      حذف
  4. لو وضع انسان راقي... يتحلى بأنبل الصفات الانسانية في ظل ظروف قاهرة لا تحتمل... سيتعرض حتما الى نوع من النكوص الى الحياة البدائية الوحشية ، مثلا في المعتقلات التي لا تراعي الظروف الانسانية للمساجين ، يتعامل الأسرى فيما بينهم بناء على قانون الغاب و الصراع من أجل البقاء ، مثل ما حدث في معتقلات الأوشفيتز مثلا أين بلغت حدة الجوع بالمساجين الى التدافع فيما بينهم من أجل الانقضاض على لحوم بعضهم البعض...منتهى الوحشية...العكس صحيح أيضا...

    عموما هذه وجهة نظري التي قد تكون خاطئة وان خالفتني فيها فأنا أحترم رأيك ...

    ردحذف
    الردود
    1. كلام سليم ، لكن هذا للبشر عموما وليس للانسان ، فالانسان يتقبل الموت على فكرة ان ينحذر للحيوانية ، ولهذا نحن اليوم نكرم بعض الناس عن اخرين فمثلا ، مانديلا كان قادرا على البطش بالبيض ،لكنه لانسانية فضل المصالحة / ومنه الناس اليوم كلها تمجد مانديلا ، لا لانه باطش و مجرم يبرر افعاله بالحق الطبيعي في الدفاع عنا لنفس ، بل لاخلاقه الانسانية النبيلة ، وعليهانا عموما مستمر في رايي بأن اخلاق الطبيعة هي نقيض اخلاق الانسان ، لان الطبيعة قدس القوة ، بينما الانسان لا يدين الضعف .

      شكرا

      حذف