الجمعة، 26 سبتمبر 2014

الإنسان كنقيض للطبيعة .



 رغم هذا الجمال  الذي تحويه الطبيعة إلا إن هذا لا يغطي حقيقتها المتوحشة ، فالطبيعة تعني سيادة القوة و انتصار العنف .


 إن الإنسان بمعناه المتجلي هو نقض للقوة ، فالإنسان لا يقدس القوة بل يناهض القوة ، فالقوة عدوة الضعف ، و الضعف ليس بجريمة .


 إن الإنسانية في جوهرها هي إعلان للتمرد على حق القوة ، فالإنسان حين يتضامن مع الضعيف إنما هو يعصي الطبيعة ويتمرد عليها ، فالطبيعة تملي عليه أن يسود ككائن أقوى ، لكنه يقاوم حيث يضحي القوي ليحيا الضعيف .


إن الإنسانية ببساطة تعني أن نخالف الطبيعة ، بل وان نحاول نقضها ، لان الطبيعة هي دعوة للتوحش ( سيادة الأقوى ، البقاء للأعنف ، الحياة لمن لم يبادر بالقتل أسرع ) في المقابل فالإنسانية هي ثورة على كل هذا الإجرام .


إن الطبيعة منهج لا أخلاقي .. غير عادل .. وغير رحيم ، إنها ببساطة  منهج  شرير بلا إرادة شريرة .. أما الإنسانية فهي بالأساس نزعة خيرة .


انه لا معنى لقوانين الطبيعة إلا أن الأقوى دائما هو الذي على حق  وهذا أمر لا يحمل أي معنى أخلاقي ، لهذا فلو قدر للإنسان أن يطيع الطبيعة لما كان لديه ضمير ، فالضمير هو سيادة للعدالة على منطق الأمر الواقع ، و سيادة لمنطق الرحمة على منطق القسوة ، و سيادة لقوة الحق ، على  منطق حق القوة .


 إن قصة تطور الإنسان في واقعها هي قصة ثورة الكائن الحي على الطبيعة .

شكرا .


الخميس، 25 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية - 11 - .




 لكن عموما ورغم هذا المجهود المتميز في محاولة عقلنه الخطاب الديني عن طريق التأويل ، إلا أن الجمهية لم ينهوا حقيقة سلسلة التأويلات بالطريقة التي تجعل رؤيتهم رؤية متماسكة ورصينة ، فعلى سبيل المثال كان من بين ما ينقض رؤيتهم في كثير من الأحيان هو أن النص القرأني كان دائما مخالفا لهم على غرار قضية العرش مثلا ، ففي قضية أن العرش يمثل سلطة الله كما قالوا ، كانت المشكلة التي خلقها القرآن لهم هي الآية التي تقول أن عرش الله كان على ماء  ( وكان عرشه على ماء )سورة هود الآية 7 وكما نلاحظ هنا فهذه الآية تضرب الأطروحة الجهمية في مقتل ، لأنه وإذا كان المقصود بالعرش هو سلطة الله ، فكيف لهذه السلطة أن تتموقع على سطح مائي ؟ ( وهنا فالآية صريحة في الدلالة على هذا الأمر ، فالماء شيء مادي ، وبلا شك أي شيء سيتموضع على هذا الماء  فهو شيء مادي مثله بالضرورة ) ومنه فالقول الجهمي منتفي بداهة ؛  الأمر الأخر أنه  وعلى فرض أن الجهمية قالوا أن الماء هنا نوع من المجاز ، وأن المقصود به ليس الماء بمعناه الحرفي ، فالسؤال الباقي هو  : و ما الدلالة المقصودة بالماء ، وما الذي يلزم بقول خلاف القول الظاهري الواضح ؟ و الجهمية للأسف لم يقدموا شرحا مقنعا لهذا السؤال ، ومنه كان من البساطة بمكان أن نقض خصومهم تصوراتهم التأويلية  (ابن تيمية مثلا) ، هذا مع أن أراء مخالفيهم ليست أقل بطلانا فالقول بالتجسيم ليس أقل كارثية من محاولة التأويل 1، لكن عموما هذا ما جرى و السبب ببساطة هو الخطأ الجهمي في الإنطلاق من فرضية كون النص الديني عقلاني و أنه مؤسس للحقيقة ، فالجهمية وحال أن أقرت بصدقية النص القرآني فهي قد ألزمت نفسها بكل حرف فيه ، ومنه كان من السهل للجماعة المخالفة لهم أن يردوا عليهم بإلزامهم بالنص ، وطبعا وبما أن النص من البداية نص لاعقلاني ، فقد انتهى الأمر بالجهمية إلى الفشل ؛ وهو عموما الأمر البديهي لأن الجهمية فكروا كفقهاء لا كفلاسفة ، والفرق هنا بين الفيلسوف والفقيه أن الفيلسوف يبحث عن الحقيقة بغض النظر على ما سيتطلبه ذلك ، في المقابل فالفقيه يبحث عن تثبيت دعائم الدين حتى لو خالف من أجل ذلك الحقيقة  ، وعليه كان أن رأينا أنه وبعد فشل الجهمية في وضع رؤية متكاملة لحل إشكاليات العقل و النقل ، أن الفقهاء المعلين لقدسية النص لاحقا قد نبذو جميعهم العقل ، لأنه وكما تبت من التجربة الجهمية فمحاولة عقلنة النص هي محاولة فاشلة ، ومنه ومن اجل الحفاظ على الدين  فقد وجب نبذ العقل كما يقول ابن تيمية في كتابه (درء تعارض العقل والنقل، ص 138.  )" فإذا تعارضَ الشرع والعقل وجبَ تقديم الشرع ؛ لأنَّ العقل مصدِّق للشرع في كُلِّ ما أخبر به ، والشرع لَم يصدق العقل في كُلِّ ما أخبره به " ، و  هنا إبن تيمية يعلن القطيعة بين العقل والنص ، لأنها ببساطة غير موجودة  .
_________________________________________
1 تتمثل الإشكالية في مسالة التجسيم أن القول بها يفرض بالضرورة القول أن الله خاضع للزمان و المكان ، وهذا أمر مناقض للمسلمات الإسلامية  ، فالمشكلة التي تنتج عن التجسيم  في قضية كقضية واستوى على العرش مثلا، أن القول بهذا يفترض ان الله خاضع للجاذبية ، فلماذا يجلس الله على عرش ؟ أو لماذا يكون العرش على الماء ؟ و لماذا يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ؟ إلا أن هذا يعني كونه خاضعا لأمر خارج عنه وهو الجاذبية ، وطبعا هنا واضح  القصور الذي يتبدى من هذا القول ، فالله المفروض لا يخضع لأي شيء ، ومنه كان الجهمية بأطروحاتهم يحاولون ايجاد حل لهذا الإشكال بالقول أن معنى الاستواء مجازي فهم يعلمون أنهم لو قالوا أن الله استوي على العرش ، بأنهم سيتبثون عليه بهذا الكلام أنه محدود بالمكان و الزمان ، وهذا الأمر لا يصلح أن ينسب لله  ، الشيء الأخر أن فكرة العرش و الاستواء توحي بأن الله لا يختلف عن واقع الملوك من البشر حيث له عرش يستوي عليه ، و جند  و حاشية إلخ ، وهذه أمور تتنافى و التفرد الإلهي لقوله (ليس كمثله شيء)  

يتبع .

 

الخميس، 18 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية -10- .





والمعنى من هذا الكلام هو ( كيف لله أن يعلم بالشيء قبل حدوثه وفي الوقت نفسه أن ينفي عن نفسه صفة الجهل أو الحدوث بعد حدوث الشيء ، فالله لو علم بشيء سيحدث مثلا (سقوط طائرة ) ثم حدث هذا السقوط ، فالله هنا سيكون يعلم بشيء حدث وليس سيحدث وهذا يعتبر جهلا بالنسبة لما كان عليه ، فسابقا كان الله عالما بشيء سيحدث ، ثم بعد الحدوث صار عالما بشيء حدث ، أما إذا قلنا أن المعرفة تغيرت حيث كان الله يعلم ثم تغير علمه ، فهذا يعني بداهة أن الله صار حادثا ، فالله كان في حالة هو بها عالم بما سيحدث ، ثم حدث له أن تغير إلى أن صار عالما بما حدث ، وهو ما يعني أن الله خاضعا للحوادث ، خلافا لما هو في الاعتقاد الإسلامي التقليدي أن الله مخالف للحوادث )  وقد حاول الجهمية انطلاقا من هذه التصورات إصلاح هذه الأنماط من الإشكالية العقلية التي تواجه الزعم الإسلامي ، حيث ذهبوا إلى نفي فكرة موضوعية صفات الله لإزالة التناقضات ، واعتبروا بالمقابل أن صفات الله ما هي سوى صفات مجازية من الله لتقريب مفهوم الله للبشر ، و قد كان من بين أشهر الأمور التي تعرضوا لها بهذا الخصوص هي فكرة الاستواء على العرش  (وهي قضية إلى وقتنا الراهن تمثل مشكلة في طريقة فهمها بالنسبة للمسلم ) حيث انه ونسبة للزعم القرآني فالله أستوى على عرش وهو ما يوحي بأن الله مجسّم ، لكن من ناحية أخرى فالزعم الإسلامي يذهب إلى أن الله ليس كمثله شيء ، وانه هو كل شيء ، وهو ما يخلق تناقضا لا يمكن تقبله فهل الله مجسم أم ليس مجسم ؟ وكيف يمكن حل إشكالية كل زعم حال القول به ؟ وبالنسبة لهذا الأمر فقد كان الرأي التقليدي حينها أن الأصل هو بنفي السؤال والعقل السائل له لدرء التعارض ، حيث كان قول التيار النقلي هو ( أن الاستواء معلوم والكيف مجهول و السؤال عنه بدعه ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وهي حالة إقالة للعقل لتجنب أن يؤدي العقل لطرح إشكالية تلزم تغييرا في الاعتقاد  ( بمعنى انه وبدل أن تحاول أن تفهم فعليك بكل بساطة أن تلغي عقلك ) لكن الجهمية كفرقة عقلانية فهي لم تتقبل هذا الجواب الهش ، وحالت الجهمية  الذهاب نحو جواب يكون أكثر منطقية (بحيث لا يكون مخالفا للعقل)  ، وفي الوقت نفسه أن يكون محافظا على النص (خاصة وأنهم من البداية ينطلقون من أصالة النص ودقته ) وهنا فقد  كان رأي الجهمية ولحل هذا الإشكال أن مفهوم الاستواء الذي المذكور انه ليس استواء بالمعنى الظاهري (أي التجسيم لأن القول بالتجسيم يجر معه مشاكل لا حصر له مع الإدعاءات الإسلامية الأخرى ) بل هو مفهوم مجازي ( أي مجرد صورة تقريبه يشرح بها الله الفكرة التي يريد إيصالها  ) وقد اعتبروا أن المعنى الأدق لمعنى (أن الله على العرش استوى ) هي انه "استولى بمعنى ملك وقهر " (الصواعق المرسلة ص 888 ) ومعنى استولى هنا أي أنه بسط نفوذه على جميع الموجودات بعد خلقها  ، بما يعني أن استواء الله على العرش بنظرهم  لا يعني جلوسه حرفيا عليه بما يؤدي إلى التجسيم ، بل القصد منه انه نفوذ و سطوة الله التي استولت على مقاليد السلطة في الوجود  (وهو ذات التعبير الذي نستخدمه اليوم  تقريبا للتعبير على فكرة فوز الحزب الفلاني أو العلاني بالأغلبية البرلمانية في بلد ما حيث نقول أنه جلس على عرش تلك الدولة ، رغم أن الحقيقة أن هذا لا يمكن تصوره بالمعنى الحرفي  ) ومنه وبهذا المنظور فقد خرجوا من الإشكاليات التي كانت تواجههم لعقلنة الأطروحات الإسلامية ، والتي ذهبوا بهذا لشرح الكثير من الآيات القرآنية الشبيهة مثل تفسير أية ( يد الله فوق أيديهم )  أو أية ( يوم يكشف عن ساق ) حيث قالوا أن معنى اليد المقصود هو قدرة الله على الفعل وليس اليد كما نعرفها ، أما المقصود بكشف الساق فهو حالة الكرب والشدة ، كقولنا  مثلا" إنه وقت التشمير  على السواعد"  والتي تعني عموما وقت العمل الاجتهاد ، وليس بالضرورة الكشف عن ساق مادية . 

يتبع ..


الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية -9- .



 العقلانية الإسلامية المبكرة .

 إن معنى أن تدعي الكمال و الشمولية بينما أنت في الأصل لست كذلك يعني ببساطة انك تختار طريقا مليئا بالجدل و الكلام  ، حيث انه وفي كل مرة تواجه فيها ستبقى تطاردك الأسئلة عن كمالك وشموليته المفترضة ، وهذا بالذات ما جرى للإسلام بعد الخطوة التي سارت فيها الدولة الإسلامية بإعلانها للإسلام دينا موضوعيا متكاملا على خلافه حقيقته ، حيث أنه مباشرة ومع ظهور أولى الأجيال من المسلمين الوراثيين (أي الذين فرض عليهم الإسلام من الأسرة ولم يؤمنون به طوعا كالجيل الإسلامي الأول )  فقد بدأت الأسئلة تنهال على الإسلام لتستفسر عن مظاهر الكامل و الموضوعية فيه ، و هو عموما الأمر البديهي فحين تدعي الكمال فسيسألك السامعون و أين كمالك ؟ ، لهذا فقد كان واضحا في تلك الفترة أن الإسلام مقبل على صراع فكري جديد خلافا للصراع الذي خاضه مع قريش ، مع فارق طبعا أن الإسلام في زمن قريش لم يدعي الكمال ، فيما في هذه الحالة كان الإسلام مقبلا على الجدل وهو يفترض أنه دين متكامل ( بما يعني أنه في موقف أضعف ) ؛ لكن عموما يمكن القول أن المسلمين العقلانيين في هذه الفترة لم يذهبوا مباشرة للصدام مع الدين بما قد يشكل  خطورة عليه وهو في حالته هذه ، فهم وفي جميع اعتراضاتهم على فكرة كمال الإسلام لم يسعوا بها لنقض الدين بالأساس ، بل هم حاولوا بالعموم إيجاد أجوبة لأسئلتهم داخل إطار الدين نفسه ، بمعنى أن العقلانية الإسلامية المبكرة في تلك اللحظة لم تحاول نقض الدين ، أو على الأقل القول بضرورة إرجاعه لحالته الذاتية الأولى ؛ لكنها حاولت إصلاح الدين (أو بعبارة أدق إصلاح القراءة التي يطرح بها ) والتي اعتبرت بنظرهم مغلوطة بما كان ينفي عن الدين القول بالموضوعية المزعومة فيه ، وكان من بين هؤلاء الأوائل من العقلانيين "فرقة الجهمية " مثلا ، فالهمجية من الفرق التي اعترضت على القصور العقلاني في الإسلام كما كان يطرح في تلك الآونة ، وقد سعت من هذا المنطلق إلى إعطاء أطروحات أكثر عقلانية لتفسير أكثر منطقية للدين ، ويمكن تلخيص الفلسفة الجهمية عموما ( و هي الفرقة التابعة لجهم ابن صفوان ) أنها فلسفة لم تهضم فكرة صفات الله ، حيث مثلث هذه الصفات حالة من التناقض المنطقي لديهم ، فعلى سبيل المثال كان جهم بن صفوان يتساءل كيف يمكن أن يكون الله عليما ( أي أن يعلم بالغيب ) كما يأتي في سورة الحديد الآية 22 ( ما أصاب من مصيبة في الارض وفي أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) وفي نفس الوقت أن يحافظ على علمه السابق من التغير رغم تغير الحوادث حيث كان يقول : و لا يجوز أن يعلم الله الشيء قبل خلقه لأنه لو علم ثم خلق أفبقى علمه على ما كان أم لم يبق ؟ فأن بقى فهو جهل، فإن العلم بأن سيوجد (الشيء) غير العلم بأنه قد وجد. وأن لم يبقى فقد تغير.والمتغير مخلوق ليس بقديم" (  الملل ك النحل، ج 1 ، مصدر سابق، ص 86 - 87)  .

يتبع .

السبت، 13 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية -8- .



 لكن طبعا و رغم هذا الموقف النبوي الواضح في تأكيده على ذاتيه  الدين ورفضه الصريح تقديم الأدلة على نبوءته بالمعجزات ، إلا أن هذا الموقف يعود لان يتم نقضه من طرف المسلمين ، حيث نجد وفي عصور لاحقه أن المسلمين سيقومون بتلفيق بعض المعجزات للنبي لتأكيد نبوءته  على غرار قضية انشقاق القمر ، وهو ما يوضح لنا أن منشأ الزعم بعقلانية الدين لم يكن طرحا إسلاميا بالأساس فالنبي رفض أي محاولة من هذا القبيل ؛ لكنه كان طرحا من المسلمين المتأخرين الذين حاولوا ترقيع هذه الثغرة بنظرهم في جدار الإسلام ، و بالنسبة لهذا الأمر (أي لما اعتبر المسلمون فكرة أن النبي بلا معجزات هي ثغرة )  فهذا بنظرنا لسببين :

الأول : أنه و بالنسبة للعقل القديم (عقل العوام الأميين عموما ) فلا يمكن الاعتماد سوى على المعجزة كدليل نبوءة ، فالعقل البسيط عموما لا يستطيع فهم المحاجات المنطقية المعقدة للتأكد من أصالة الوحي  ،  وعليه كانت فكرة تلفيق معجزة هو السبيل الوحيد لدعم الإسلام ، فتصور دين بلا معجزات لإقناع الناس البسطاء هي فكرة صعبة  ( وإلى الآن تؤدي هذه المعجزات المفبركة دورها في تثبيت اليقين لدى البسطاء من المسلمين ) .

الثاني : هو تحول الإسلام من دين إلى أيدلوجيا تتبناها الدولة الإسلامية ، فالدولة الإسلامية وبعد تبنيها للإسلام كايدولوجيا توسعية تستخدمها لتبرير غزو الدول الأخرى بما يعرف بـ "الجهاد لنشر كلمة الحق" ، فقد كان لابد لها من جعل هذا الدين صالح للمنافحة لقهر أفكار الخصوم ، ومنه ومن هذا المنطلق فقد تم وبمعية الدول الإسلامية تغيير طبيعة الدين الإسلامي من "دين ذاتي يقر بكل شفافية انه بلا معجزات " إلى" دين يدعي العقلانية و الكمال المطلق"  وهو ما سيقلب الإسلام رأسا على عقب ، ففيما كان الإسلام يقول (لكم دينكم ولي دين) ، وانه (لا أكراه في الدين ) أو حتى كالتصريح الخطير للنبي والذي يقر فيه لقريش بصراحة أنه ربما يكون على خطأ حين يقول في سورة سبأ الآية 24  (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) عاد الإسلام وبراعية الدولة الإسلامية ليتحول إلى حقيقة مطلقة لا تقبل الجدال أو حتى الاعتراض بتبريرات كأية السيف  و غيرها من الآيات التي لا تزال تثير الجدل إلى اليوم  ، وهو ما يوضح لنا أن المرحلة الأولى من الإسلام حقيقة قد كان واضحا فيها بشده ذاتية الاعتقاد ، وانه والى تلك الفترة فقد كان الإيمان جميعه إيمان تصديقيا 1، في المقابل فالفترة التي عرفت المزاعم بعقلانية الإسلام وكماله ، هي فترة التي نشأة فيها الدولة الإسلامية ، والتي تحول الإسلام فيها من الذاتية لمزاعم الموضوعية ؛ ومن الدين المتقبل للآخر إلى المعادي للمعادي له ، وعموما هو تحول سيدفع ثمنه المسملون غاليا لأنه أول ما سيؤثر سيؤثر على  المسلمين أنفسهم ، حيث أن تحويل الإسلام إلى أيدلوجيا تدعي الكمال أدى به إلى الصدام مع المسلمين أنفسهم ، حيث وعلى خلاف المسلم المصدق طوعا كما في الحقبة الأولى ، سيخرج المسلم المولود في بيئة مسلمة باحثا عن إجابات ، وفي ظل أن الإسلام يدعي الكمال فيما هو لا يحوزه ، فهذا سيخلق بالضرورة صدام بينه وبين المسلمين ، وهو سيؤدي لاحقا لازمة التكفير التي ستظهر مباشرة بعد بدا المسلمين في محاكمة الإسلام عقلانيا .

 
___________________________________

1 يمكن القول أن خير مثال على هذا الأمر هو الصحابي أبو بكر الصديق ، صديق النبي الأول و رفيق دربه ، حيث أن شخصية أبو بكر تمثل النموذج للمؤمن على أساس التصديق ، لا المؤمن على أساس الاقتناع  ، فمثلا في حادثة الإسراء و المعراج  فأبو بكر وكما جاء في السيرة  قد صدق كلام النبي بلا نقاش في تلك القضية  ، وحيث كان بالنسبة له أن قول النبي لشيء هو الدلالة على صدقه ، ومنه كان أن لقبه المسلمون بالصديق ، وهي مرتبة متقدمة من مراتب أهل الجنة تدعى مرتبة الصديقين ( أي الذين يصدقون بلا سؤال)    .

يتبع ..

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية -7- .



عقلانية قريش .

رغم الافتراض الذي يمكن أن ينشأ لدينا بالاعتقاد أن العقلانية الأولى في الإسلام يجب أن تكون عقلانية إسلامية ، فالإسلام دين المسلمين ومنه فالعقلانية فيه يجب أن تكون إسلامية ، لكن الحقيقة أن أول عقلنه جرت للإسلام هي عقلنه  »الكفار « وليس عقلانية المسلمين ، فالإسلام وكدين جديد طرح على الساحة الفكرية في مكة ، كان أول ما تم امتحانه عقلانيا هو من قبل الكفار به  ؛ أو لنقل بمعنى أدق امتحان من الناس الذين عرض عليهم أول مرة ، فأهل مكة مباشرة وبعد طرح النبي لدينه الجديد عليهم راحوا وبكل عفوية يبحثون فيه بالسؤال والبحث، وهو الأمر الذي نعتبره اليوم أولى حالات العقلانية في الإسلام فقريش وفي حالتها من تساؤل لصحة الدين الجديد راحت تمارس العقلانية التي ستحدد اطر هذا الدين ، وعموما يمكن القول ومما وصلنا من آثار عن ما جرى من مناقشات حول صحة الإسلام وصحة فرضياته ، أن العقلانية القرشية عموما كانت عقلانية راقية في إطار الزمن الذي وجدت لأنه وبالنظر للجدل الفكري الذي دار بين النبي وبين قريش في تلك الفترة ، فنحن نكتشف أن قريش طرحت نفس الأسئلة العقلانية التي يمكن طرحها اليوم على الإسلام ، فعلى سبيل المثال نجد أنه مباشرة وبعد طرح النبي لفكرة النبوءة و الوحي الإلهي فقد جاءه السؤال البديهي الذي سبق وأشرنا إليه  " وما الدليل على انك نبي ؟ " وهو السؤال الذي يمكن القول أن كثير من المسلمين اليوم لم يسألوه رغم أننا نجدهم يؤمنون ، فالمفروض وهو الطبيعي بالنسبة لأي دعوة هي أن تثبت أصلها بالأساس ثم لاحقا لتذهب لطرح الافتراضات و الأطروحات ؛ لكن عموما يمكن القول أنه سواء المسلمون أو قريش فهم  تجاوزوا التعمق في قضية أصالة الوحي بهذا السؤال ، فقريش وحين سالت عن حقيقة النبوءة لم تصل لطرح فكرة  هوية المرسل وكيف يمكن التحقق أنه من الله  أم لا ؟ ، لكنهم ذهبوا إلى فكره نوعا ما ابسط ، وهي طلب الدليل المادي على العلاقة بين النبي و بين الله ، حيث طالبت قرشي بدليل مادي من النبي بعمل خارق كمعجزة 1 ليتأكدوا بها من صدق كلامه حيث قالوا الإسراء من الآية 90 إلى الآية 93 (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً )   وهنا نلاحظ أن قريش اتخذت الطريق الأسهل في الاستدلال العقلي ، فإذا كان النبي له علاقة مع الله المتصرف في الكون فليثبت على سيرة الأنبياء الآخرين هذا الأمر بعمل خارق يؤكده ( و هذا طبعا مع أن هذا الأمر ليس بالضرورة صحيحا فلا يعني قيام المر بشيء يعتقد البعض انه معجز أن هذا رسول من السماء ، فعلى سبيل المثال في عالمنا اليوم الكثير من الأمور التي ستبدو معجزات لإنسان الأمس هي من البديهيات لدينا كالهاتف مثلا  ، والطائرة  )  لكن لنقل انه ورغم بساطة الطرح  إلا أنه كان طرحا إلى حد ما عقلانيا في زمانه ، ففي تلك الفترة لم تتطور العقلانية لتشمل قضايا من قبيل هوية المرسل وحقيقة هل يمثل الإعجاز دلالة على وجود خالق أم لا ؟ ثم هل  كل عمل خارق هو من الخالق ؟ الخ  لكن عموما لنقل أن سؤال قريش قد أدى إلى حد ما غرضه الذي طرح من اجله ، حيث أن قريش قد وضعت النبي في تحدي لإثبات الحد الأدنى من مزاعمه بحيث أن الفشل يعني البطلان ، فيما النجاح ، يمثل الصحة .



 لكن للأسف فما حصل بعد هذا الامتحان أن النبي رفض من قبول هذا السؤال ، حيث أعتبر النبي أنه غير ملزم بتقديم دليل مادي لهم ليؤمنوا حيث يقول في الآية 59 سورة الإسراء  (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا )  وهنا يبرر النبي رفضه لفكرة الامتحان بالمعجزة أنه مُكذب في كل الأحوال ومنه فهو يرفض من الأساس فكرة الامتحان العقلي – المادي للنبوءة ؛ بل ونجده في مكان أخر ينفي فكرة قدرته على المعجزة من الأساس حيث يؤكد بوضوح بشريته حين يقول (  قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً)  وهو الأمر الذي يوضح لنا انه من البداية فالإسلام ذاتي الاعتقاد ، وأنه من الناحية العقلانية فهو غير قابل لأن يجبر على تقديم أدلة عقلانية سواء حسية أو منطقية على أصالته ، حيث وكما نرى هنا فالنبي نفسه وفي حالة الامتحان العقلي فهو قد تراجع عن فكرة التحدي ، و ذهب إلى فكرة ذاتية الدين بما معناه ، أن الإسلام ومن البداية ليس دينا قائما على البرهان العقلي ، بل أنه دين  قائم على التصديق  الخالي من فكرة القناعة ، حيث أنه يفترض أن الحقيقة و الدليل على أصالته ، ليس نابعا من شيء خارج عنه (أي دليل عقلي أو حسي عليه ) بل نابع من إحساس الفرد بصدقه حال أن يؤمن به .

_______________________________________
  

1طبعا يعتبر مثال امتحان المعجزة احد الاستدلالات من استدلالات عقلانية كثيرة فعلتها قريش لكننا نركز هنا على هذا المثال لأنه المثال الأهم ، فمثلا كان من بين الانتقادات العقلانية من قريش هو نقدهم النصي للقران حين قالوا وما تلك سوى أساطير الأولين  ، و قد شككت قريش بهذا الكلام في أصاله الوحي على أنه وحي إلهي ، لكن عموما فالنبي كان لديه الجواب لهذا السؤال وهو انه من الطبيعي أن يكون قرآنه نسخا عن قصص الأولين  لأنه نبي يحذر من عواقب المشي في سيرت تلك الأمم البائدة ، ومنه فهذا التطابق في الروايات لا يعني بالضرورة نفي ألوهية القرآن .

يتبع ..

الخميس، 11 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية -6- .




 تكملنا في الفصل السابق عن الإيمان الديني الإسلامي والعقلانية ، وشرحنا كيف انه لا يوجد موانع في الحقيقة تمنع المسلم من أن يكون عقلانيا من ناحيته مجتمعه ، ووضحنا أنه إذا كان من لاعقلانية في الإسلام فهي اللاعقلانية الإعتقادية حيث يعاني الإسلام من مشكلة إثبات أصالة الوحي ونسبه بالضرورة إلى الله ، حيث يقع هذا الأمر في خانة الإيمان الغبي في أحسن الأحوال ، أما هنا فنواصل الحديث عن نفس الموضوع وهو العقلانية في الإسلام ، لكننا سنتناول منابع نشوء اللاعقلانية في الإسلام ، حيث انه بنظرنا لا يمكن القول أن الإسلام بالضرورة كان لاعقلانيا ، أو انه لا يمكن عقلتنه بدرجة ما فالإسلام قادر على أن يسعى نحو عقلانية في حدود معينة يزيح به عن نفسه فكرة الخرافية المطلقة ، لكن الأمر أن هناك خيارات من المسلمين وفي مراحل ما ، هي التي أدت إلى تعزيز الأطروحات الغيبية على حساب الأطروحات العقلانية ، وهو الأمر الذي أدى بالإسلام في النهاية ، ليس فقط إلى قضية لاعقلانيته اتجاه المعتقد فقط ، بل ولاعقلانيته اتجاه المجتمع أيضا ، وهنا وفي هذا الشرح فسنتحدث عن العقلانية في الإسلام من البدايات (عقلانية أهل قريش) ، مرورا بعقلانية المسلمين أنفسهم  و هذا حين بدوا في امتحان الإيمان الديني الإسلامي ، خاصة المسلمين الذين ولدوا كمسلمين وتقبلوا المعتقدات الإسلامية كأمر مسلم به ، وليس كأمر يمكن إعادة النظر فيه ، وسنحاول تناول الأسئلة التي دارت في تلك الحقبة ، و الأطروحات العقلانية و الردود التي جاءت عليها  .


يتبع ..

الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

الإسلام والعقلانية -5- .



 بالنسبة لهذا الادعاء فالرد حقيقة انه لا يمكن القول أن الإعجاز القرآني إذا حدث هو بالضرورة دليل على أن الغيب المطلوب الإيمان به صحيح ، فمن الناحية العلمية لا يعني بالضرورة أن تكون هناك معجزة أنها بالضرورة من خالق الكون ، أو أنها تبرر الأمور الغير معقولة ، وسنعطي المثال التالي للتوضيح .



نعلم جميعا أن الرواية الإسلامية المؤسسة الوحي الإلهي (القران ) تقول أن الملك جبريل قد جاء للنبي صلعم في غار حيراء و أوحى إليه بالقران ، و أن النبي صلعم و المسلمون وبعد رؤيتهم للإعجاز في هذا الوحي تأكدوا أن هذا الوحي (القران) هو من خالق الكون  ؟ حاليا ولو تلاحظوا فهذا الزعم ومن الناحية العلمية مغلوط فمثلا من قال أن من زار النبي هو رسول من خالق الكون ؟ فهل النبي مثلا تأكد انه رسول الله ؟ وهل النبي كان له اطلاع سابق برسل الله ليحدد من هو الرسول القادم من الله ، و من هو الرسول القادم من غير عند الله ؟  طبعا الجواب البديهي على هذا السؤال هو لا ، فالنبي لا يمكنه تحديد من هذا الكائن الذي زاره و الذي قد يكون أي شيء فالنبي (و أي نبي غيره ) ليس على إطلاع بالكائنات الموجودة في الكون ليقول أن هذا رسول من الله و أن هذا ليس رسول  ، وعليه فالقصة الإسلامية كما نرى ومع فرض صحتها من الناحية العلمية فهي غير يقينية  ، فأقصى ما نستطيع الجزم به هو " كائنا خارقا" زار النبي صلعم في غار حيراء وقال له اقرأ .. وأن هذا الكائن منحه معرفة إعجازية ، لكن طبعا في حالة مثل هذه فلا يمكن الجزم يقينيا أن من زار النبي هو رسول من الله ، فكل ما لدينا هو أن كائنا زار النبي وأعطاه معرفة إعجازية ، أما عن أصله  وفصله ، وكل ما عدى ذلك فلا احد يمكنه التأكد ، لأن ذلك الكائن لا يفترض فيه الصدق بالضرورة إذا أدعى أنه من الله ، ومنه فقد يكون هذا الكائن مجرد كائن فضائي أو جن و شيطان أو أي شيء (وهذه وجهة نظر) وهنا يجب الانتباه أن النبي نفسه لم يكن متأكد مما رأى في هذه الحادثة ، حيث ووفق الرواية الإسلامية فقد عاد النبي صلعم بعد هذه الحادثة مذعورا إلى بيته ، وقال للسيدة خديجة زملوني زملوني ، حيث أن السيدة خديجة هي التي لاحقا حاولت التثبت من طبيعة هذا الكائن وفق ما جاء عن الطبراني 1 والتي انتهت إلى القول حين كان ذلك الكائن يختفي حال تعرية الشعر أنه ملاك ، لكن طبعا يبقى هذا الافتراض افتراضا هو الأخر غير علمي ، فمن قال أن الملائكة تفزع من الشعر العاري فهل هناك قاعدة علمية حول هذا الأمر ؟ ثم من قال أنه ليس شيطان يمارس التحايل فهذا وارد ؟  ثم من قال وإذا جزمنا أنه ملاك أن يكون جبريل ؟ ومنه وكما نرى ففكرة أن يكون الله هو المصدر للوحي كلها قصة هشة من حيث البنيان العقلاني ، وإذا أردنا الدقة فالأصل لدى المسلمين هو الإيمان بصحة ما جاء عن النبي ، لكن ليس أنهم يوقنون أن ما جاء به النبي صحيح ، فالنبي وكما وضحنا لا دليل علمي عقلاني على صحة ما جاء به حتى جزمنا أنه صحيح ، ومنه فالأصل في الإيمان الإسلامي أنه إيمان لا عقلاني و أنه قائم على تصديق ما جاء به النبي لا أكثر ، فالمسلمون لا يملكون دليل عقلاني على إيمانهم غير التصديق بالفرضيات التي أفترضها النبي صلعم ، والسيدة خديجة   .

وطبعا وكما نرى هنا ففكرة أن يكون المسلم عقلانيا مع معتقده هي فكرة غير ممكنه ، فعلى الأقل ومن ناحية اليقين الكلي من مصدر الوحي فهذا غير ممكن ، ومنه فالإسلام في واقعه لا يقوم على أساسا اعتقاد عقلاني ، بل يقوم  على أساس الإيمان الغيبي كما يقول هو نفسه في سورة "البقرة" الآية 3 (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) و الغيب كما نعلم هو ما لا يمكن إثباته ، فلا وجود يقيني على  الغيب لأنه بالأساس غيب .



الخاتمة.



ومن هنا وكما وضحنا ، فعقلانية المسلم لها شقين (معتقدي ومجتمعي ) و المسلم يمكن أن يكون عقلانيا في واحدة منهما فقط و بالتحديد تلك المطلوبة منه ، أما العقلانية التي ليست مطلوبة منه (عقلانية الاعتقاد فهو لا يستطيع عقلنتها  ، لكن يبقى انه ومادامت عقلانية الاعتقاد غير مطلوبة في ظل حرية العقيدة فليس على احد محاسبة المسلم على خرافية إيمانه ، فخرافية الإيمان إذا كانت ذاتية فهو حر فيها ، والمسلم ومدام لا يجنح للإرهاب أو العنف ، فهو حر يعبد وهم يعبد صنم  ، فكلها حرية شخصية و المسلم هنا قد أدى ما عليه .

____________________________________



1 )  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِرْسٍ الْمِصْرِيُّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ الْمَدِينِيُّ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ ، عَنْ خَدِيجَةَ ، قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَا ابْنَ عَمِّي ، هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا جَاءَكَ الَّذِي يَأْتِيكَ أَنْ تُخْبِرَنِي بِهِ ؟ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ يَا خَدِيجَةُ " . قَالَتْ خَدِيجَةُ : فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ ذَاتَ يَوْمٍ وَأَنَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا خَدِيجَةُ هَذَا صَاحِبِي الَّذِي يَأْتِينِي قَدْ جَاءَ " ، فَقُلْتُ لَهُ : قُمْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِدِيَ الأَيْمَنِ ، فَقَامَ ، فَجَلَسَ عَلَى فَخِدِيَ الأَيْمَنِ ، فَقُلْتُ لَهُ : هَلْ تَرَاهُ ؟ ، قَالَ : " نَعَمْ " ، فَقُلْتُ لَهُ : تَحَوَّلْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِدِيَ الأَيْسَرِ ، فَجَلَسَ ، فَقُلْتُ : هَلْ تَرَاهُ ؟ ، قَالَ : " نَعَمْ " ، فَقُلْتُ لَهُ : فَتَحَوَّلَ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي ، فَجَلَسَ ، فَقَالَتْ لَهُ : هَلْ تَرَاهُ ؟ ، قَالَ : " نَعَمْ " ، قَالَتْ خَدِيجَةُ : فَتَحَسَّرْتُ وَطَرَحْتُ خِمَارِي ، وَقُلْتُ لَهُ : هَلْ تَرَاهُ ؟ ، قَالَ : " لا " ، فَقُلْتُ لَهُ : هَذَا وَاللَّهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ ، لا وَاللَّهِ مَا هَذَا شَيْطَانٌ ، قَالَتْ خَدِيجَةُ : فَقُلْتُ لِوَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ذَلِكَ ، كَمَا أَخْبَرَنِي بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ وَرَقَةُ : حَقًّا يَا خَدِيجَةُ حَدِيثُكِ  "المعجم الأوسط " ص 6744 .

شكرا .


السبت، 6 سبتمبر 2014

محاولات شعرية - مناجات إلى غيمة - .





يا سيدة المطر

صلّي لأجلنا نحن الشاردين على

ظهور الخيل ، الآن في ساعة موتنا

نحن الخطاة على طريق القفر حيث

 يستعير الحزن اسراره

الآن هنا ازرق دمع يدي

 و الذكريات منك على

جدار الحزن حولي ، يختال دمعي

وتميع ذكرياتي هلاما بين أناملك

فأسير أسيرا إلى المنتهى بين يديك  

 الليل اسود في عيني و الماء لا يروي 

ونجمي يرتدي لون الحداد

أنا الذي تجاهلتني تفاصيلي

وأحرقتني  فوق أضلاعي

من أين ابد يا ترى لأحكي و الدهر فات

 مني وهل تنفع الذكرى معي

بعد الممات الذي سوف يذكرني ، فلتقي

علي رداءك ، ولتدعي قطرات نهديك 

تروي هذا القبر ، فهذا القبر قبري  

أنا الجندي في ساحة المعركة .



شكرا.