الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

الأصولية تصدح و الإحتفلات في الجزائر تسير .


     

في كل عام و مع اقتراب موعد احتفالات رأس السنة الميلادية تبدأ الصحف الصفراء و الأصوليون في الجزائر بالصراخ والعويل (الاحتفال بالريـڤـيّون للكفار).. (الجزائر المحافظة لا تحتفل الريـڤـيّون) .. (الويل لمن يحتفل بالريـڤـيّون )  وحين تسمع هذا التهويل و العويل تضن للوهلة الأولى انه وفي العام القادم  لا شك سيقضى على الريـڤـيون في الجزائر ،  بل و ربما سيحذف ذكره حتى من القواميس ، لكن طبعا المفاجئة أن الجزائريين وعلى رأس كل سنة و كعادتهم يستمرون بالاحتفال ، بل وبالاحتفال ضعف ما فلعوا السنة السابقة  ، في المقابل فكل ما قيل سابقا من كلام يذهب أدراج الرياح  .

شخصيا اعتقد أنه من حق أي أصولي أو صحيفة صفراء أن تدلي برأيها في إحتفالات الريـڤـيون ، فليس متوقعا من أصولي أن يقبل الاحتفال برأس السنة الميلادية وهو حرم الاحتفال بالمولد النبوي  نفسه ، وعليه فهذه مسألة مفروغ منها ، لكن طبعا غير المقبول وما ليس حق   هؤلاء هو أن يدعوا أن الشعب الجزائري يؤيدهم ، أو أن يحاولوا فرض هذا الرأي عليه بالقوة ..فهذا أمر لا يمكن قبوله  .

   بالنسبة للجزائر نعم هناك فئات لا تحب الاحتفال بعيد رأس السنة ( و ربما عدم الاحتفال  بأي شيء أخر فهم ضد الاحتفال بالمولد النبوي وضد الإحتفال برأس السنة الأمازيغية و ضد الاحتفال بتأهل المنتخب وضد أي فرحة يفرحها الشعب) وهذا حقهم في بلد حر ، لكن طبعا المؤكد و الأكيد هو أن عموما الجزائريين  هم مع الاحتفالات ومع الفرحة وليس من حق احد أن يمنعهم ، وبالنسبة لرأس السنة الميلادية فالاحتفال به لم يعد شأن محلي ، بل هو جو عالمي من البهجة و السرور باستقبال العام الجديد ، وطبعا الشعب الجزائري لن يتخلف عن باقي شعوب العالم في هذا الأمر ، لهذا فبالنسبة لمن هم ضد الاحتفال نقول أنه لكل فرد حريته فمن أراد أن يحتفل ويفرح فهو حر ، و من لم يرد فهو حر أيضا بشرط أن يبقي غمه وتعاسته لنفسه .

أخيرا تهاني الحارة للشعب الجزائري وكل شعوب العالم بالعام الجديد ، العام الذي نتمناه عام سلام و وئام للجزائريين خاصة و لبقية شعوب العالم .

شكرا .
                                              

الاثنين، 30 ديسمبر 2013

الطـغـيـان العـربـي .       

                                           


عديد العصور في تاريخ البشرية عرفت حكم الطغاة ، و كثيرون هم الطغاة الذي عرفهم العالم ، لكن بين كل هؤلاء ، يتميز الطغيان العربي بميزة خاصة ، فهو و على عكس هؤلاء جميعا يمثل الجانب الأكثر بؤسا من الطغيان  .


 الطغيان في الحقيقة و رغم انه سلبي  لكن أحيانا يمكن أن نجد فيه بعض الايجابيات .. فمثلا أنشئ طاغية روسيا "ستالين" القوة النووية الروسية ، و منح طاغية الصين "ماو تسي" مقعدا للصين في مجلس الأمن  ، أما طاغية ألمانيا "هتلر" و رغم انه دمر ألمانيا  عقب الحرب العالمية الثانية ، إلا انه ترك نخبة من العلماء و الصناعيين للشعب الألماني لا تقدر بثمن (نفس النخبة التي ستنهض بألمانيا لاحقا )  ، إن هؤلاء القادة و رغم أنهم كانوا طغاة والطغيان شيء سلبي ، إلا أنهم تركوا ما يشفع لهم و لو قليلا أمام شعوبهم  ، في المقابل فلو تأملنا حال الطاغية العربي  لوجدنا أنه بلا إنجاز ، و بلا مشروع ، و بلا أي هدف سوى قمع الفقراء و  المساكين  و التسلط عليهم  .


إن الميزة التي يمكن حصرها في الطغيان العربي هو أنه طغيان يتسم بالجهل  و البؤس و التخلف ، فهو طغيان ناشر للجهل و للتخلف ، وممعن في إذلال من لا حول لهم ولا قوة ، وهنا وحين نقول الطغيان العربي فنحن لا نقصد الطغيان السياسي بشكل حصري ، فالواقع أن كل المجالات الحياتية العربية تعرف طغاة فيها ، فالمسئول العربي أي كان و ما أن يتولى منصبه حتى يبدأ بممارسة الطغيان في إطار ما يستطيع...(المدير القامع لموظفيه و الأب القامع لأسرته و الأستاذ القامع لتلاميذه ..الخ ) .


إن الطغيان العربي هو  في حقيقته نوع من الهشاشة النفسية الداخلية ، فاللامنطق و اللاجسارة التي يتحلى بها هؤلاء المسئولون، تجعلهم يمارسون  الإرهاب والقمع لفرض أفكارهم ، فبدون قمع و إكراه لن تجد لهؤلاء أو لأفكارهم أي أثر ... وعليه فالطغيان العربي في جوهره هو الإسقاط اللاواعي للهشاشة العربية .

شكرا .


السبت، 28 ديسمبر 2013

اللغة و التقدم المعرفي .                                                                                                                                                           
                                                                                        

تكلمت في المقال السابق (التعريب وحده  لا يكفي ) عن "اللاحل" الذي تمثله سياسية التعريب المتبعة للّحاق بالركب الحضاري ، وقد وضحت في المقال كيف أن هذا الأمر إذا لم يقترن بنهضة حضارية ومعرفية شاملة تغني العربية بإنشاء المصطلحات لا بتبنيها ، و قد ارتأيت لشرح أكثر تفصيلا حول هذا الأمر أن أضيف هذا الموضوع لشرح أوفى ، بالإضافة أيضا إلى محاولة لإزالة اللبس حول بعض التصورات التي تعتبر أن مشكل اللغة يكمن في عدم الاهتمام بها ، وليس كما نرى أنه مشكل عدم وجود تقدم حضاري ومعرفي يدعمها.


لو أخذنا اللغة الانجليزية على سبيل المثال لشرح هذا الأمر لأمكننا الإشارة بكل سهولة أن تفوق الانجليزية اليوم هو نتاج تقدم معرفي صرف ، فهي مثلا تصدر اليوم منشور علمي و أدبي كل دقيقتين ، عدى أنها تعالج يوميا نصف مليون مصطلح ، وأيضا أنها كلغة تمثل ما حجمه 80 % من حجم المعلومات الرقمية على الانترنيت ، و هو الأمر الذي يدفع جميع الشعوب الناطقة بلغة غير الانجليزية (خاصة الغير متطورة ) إلى تعلم الانجليزية من اجل الاستفادة من هذا الإنتاج ، فلكون انه من المستحيل ترجمة هذه البحوث جميعا ، عدى طبعا محاولة ملائمة المصطلحات مع لغتهم الأصلية ، فإن هذه الأمم تقوم بالحل الأسهل وهو تلقين مواطنيها اللغة الانجليزية ليكون مطلعين على العلوم الحديثة من باب المثل الصيني الذي يقول ( أن تعلم ابنك الصيد خير من تطعمه كل يوم سمكة  ) .


الأمر أخر وحول مسالة ريادة اللغة الانجليزية هو ما نلاحظه حول طبيعة خريطة انتشارها ، فمقارنة بالانتشار الذي حققته بفضل الاحتلال نجد أن من يتكلمون الانجليزية بسبب الاحتلال البريطاني لبلدانهم هم 309 مليون ، في المقابل فمن يتكلمون الانجليزية بسبب ريادة الحضارة "الأنجلو - سكسونية" و هيمنتها على إنتاج المعارف هم  400 مليون كلغة ثانية و مليار عن طريق التعليم  ) ما يعني أن الانتشار الذي حصل للغة الانجليزية على طريق" الامبريالية اللغوية" هو لا شيء مقارنة بما حصل لها مع حضورها كلغة ممثلة للتحضر و التطور .. على هذا فما يمكننا استنتاجه ختاما هو أن ريادة اللغة هي نتاج تقدم معرفي صرف ، و أن مسالة الحضور اللغوي هي مسالة تقدم حضاري وتقدم معرفي لا غير ، فقد تستطيع لغة ما أن تفرض نفسها بقوة الأمر الواقع (احتلال أو غزو .. مثلا ) ، لكن هذا لن يجعل منها لغة عالمية ، في المقابل فقد تكون اللغة غير استعمارية مطلقا لكنها يمكن أن تفرض نفسها على العالم ، على هذا فالأحرى القول أن لمن يريد أن يجعل لغته لغة رائدة أن أولى الخطوات هي السعي نحو نهضة معرفية وحضارية شاملة ، لان هذا هو السبيل الوحيد للريادة اللغوية في عصرنا الحالي ، أما ما عدى ذلك ، فبلا شك كله مصيره الفشل مهما ما بذل عليه من مجهود .

      روابط لبعض الإحصائيات حول الانجليزية التي أستند عليها الموضوع شكرا .
http://www.englishlanguageguide.com/facts/stats/
http://en.wikipedia.org/wiki/Books_p...untry_per_year
http://esl.about.com/od/englishlearn..._eslmarket.htm
                                                                                                                                                   

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

التعريب وحده لا يكفي .                                                



                                                                                                             
لا شك أن تعريب المصطلحات من الأبواب الأولى للحفاظ على معاصرة اللغة العربية للتقدم العلمي ، و التعريب كما نعلم لم يبدأ اليوم أو أمس بل هو مسيرة طويلة  استمرت على مدار تاريخ اللغة العربية ، فبدا بالكلمات التي عربها القران مثال (أرائك و إستبرق ..الخ)   وصولا إلى عملية التعريب الحديثة التي بدأت مع نهضة محمد علي في مصر ،والتي جل الكلمات العربية الحديثة اليوم  تعود إليها  مثال (مستشفى بدل بيمارستان الفارسية ، و سيارة بدل أوتوموبيل ..الخ ) ، ولكن و مع هذا القبول لمبدأ التعريب يبقى السؤال هل يكفي التعريب وحده لضمان معاصرة اللغة العربية لتطورات العصر ؟  ثم هل يكفي أن نعرب لنقول أننا حللننا مشكلة اللغة العربية مع المصلحات الحديثة  ؟.



بالنسبة  لهذا السؤال فالجواب كما أرى  هو " لا "مع الأسف ، لان  التعريب وحده  لن يحل أزمة اللغة العربية مع المصطلح الحديث .. فإذا لم تتوازى  تلك العملية مع مسيرة  للغة في اختراع المصطلح ( لا محاولة تبنيه ) وهذا طبعا عن طريق نهضة حضارية ومعرفية شاملة .. فحتما ستظل أزمتها مع المصطلحات قائمة ، فالتقدم العلمي و المصطلحات الجديدة ستضل يوميا تضغط على أعصابها، وبدون انطلاقة ذاتية منها  فقد تنهار لا شك ذات يوم  .



الشيء الأخر بالنسبة التعريب هو  وكما نرى اليوم في رفض الناس لتبنيه ،  فالتعريب لا يعاني  فقط من ضغط التسارع الحضاري عليه (وهي أزمة عويصة)  ، بل و من قبول الناس لهذا التعريب أيضا ،  فالمواطن العادي اليوم كثيرا ما يجادل في مسالة تقبل هذا المصطلح المعرب أو  ذاك ، والذي يمكن القول انه جدل مفهوم فبالنظر إلى بعض المصطلحات المعربة نجد أن التعريب روعي فيه الكم لا الكيف ، عدى أن الجمالية و سهولة النطق لم تراعا تماما  .. وعليه اليوم و رغم وجود الكثير من المصطلحات المعربة لكننا نلاحظ أن الناس لا تستعملها ، فمثلا نحن لا نجد من يستعمل كلمة (الرائي لوصف التلفاز)  ، أو (المقحل لوصف الترانزستور ) ، أو (الناسوخ لوصف الفاكس ) أو ( الحاضون  لوصف " لتبحثوا عن معناها أفضل ") ، عدى طبعا الكلمات الكثيرة التي غزت اللغة العربية المحكية بدون أن يجد لها المعربون أي مقابل .



على هذا نقول أن أزمة اللغة مع المصطلح الحديث ليست فقط في وجود تعريب له ( على قلته) ، بل وفي وجود مصطلح معرب يلبي رغبة العربي العادي في نطق سلس و كلام مفهوم يفهمه اغلب الناس .. و إلى ذلك فعلى من يتبنى فكرة التعريب أن يفكر في أمرين أساسيين لا مناص منهما  – 1  : إيجاد سبيل لنهضة حضارية تخلص اللغة العربية من أزمتها مع تطورات العصر  وهو الحل الجذري - 2   : إيجاد مصطلحات معربة تكون سلسلة في النطق  ، سلسة في الانتشار بين الناس .. فهذا اقل ما يمكن لحل هذا الإشكال حلا فعالا .



 شكرا

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

العنف كإنعكاس لهشاشتنا .

                                                                                  



برغم ما يبدو من قوة على أولائك الذي يمارسون العنف ضد الأخرين لإخضاعهم او لفرض شيء ما عليهم إلا ان الواقع يقول ان هؤلاء هم اضعف الناس فالضعفاء ولأنهم ضعفاء وحدهم من يحاولون فرض أنفسهم بمنطق القوة ) لا قوة المنطق كما باقي البشر) إن الضعيف عنيف هذه حقيقة وعليه نحن نجد دائما ان أكثر النظم حشدا للبوليس ورجال الأمن هي النظم الديكتاتورية الفاشلة ، فالنظام الفاشل لن يدوم بدون قمع غشوم .. وكذلك الأمر بالنسبة للأفكار ، فأكثر الأفكار قمعا لحرية التعبير و لحرية تداول المعلومة والنقد هي الأفكار المجافية للواقع ، فالفكرة المغلوطة وحدها من تحتاج مدفعا ليحمها ، وكذلك الأمر ايضا بالنسبة للأشخاص ، فأكثر الأشخاص  صخبا في النقاشات هم الاقل حجة ، فصراخهم وصخبهم ليس سوى مركب نقص للحجة المقنعة التي يفتقدونها .

بالمختصر بقدر ما نعاني من الضعف في حججنا ومنطقنا بقدر ما نمارس العنف ، فالعنف ليس سوى انعكاس لهشاشتنا الداخلية .

شكرا .