الأربعاء، 14 مايو 2014

" الشريعة " نظريا وعمليا .

                                                                             



 دائما وحال ذكر الشريعة 1 ، ما يخرج علينا الإسلاميون للقول "أن الشعوب الإسلامية تريد الشريعة" ، و أنها "تكافح لأن تحكم بالشريعة"  جميل... ، ولنقل أن هذا الكلام صحيح رغم شكي الشخصي فيه لأني أراه مجرد كذب من تجار الدين ، لكن أوليس السؤال إذا كانت الشعوب تريد تحكم بالشريعة لماذا هذا الاعتراض منها كلما تمت محاولات لتطبيقيها 2 ، ولنأخذ مثالا قصة السبي التي قامت بها جماعة بوكو –حرام في نيجريا والتي وجدت الكثير من الإدانة حتى في أوساط النخبة الدينية الأصولية ، أوليس السؤال إذا كانت الشريعة مطلوبة لماذا هؤلاء يرفضون أن تطبقها جماعة بوكو حرام ؟، بل ولماذا يرفضون فكرة الاسترقاق من الأصل ؟ ، فعلى سبيل المثال قام قبل حوالي سنة من الآن احد المشايخ في مصر بتملك احد النساء (ملكت يمين) 3 ، وهذا لأنها وكما قالت تريد أن تحرر من الالتزامات الدينية الخاصة بالحرة ؟ 4 ، فلماذا رفض هؤلاء هذا الأمر ، ولماذا تم الهجوم على الرجل من قبل المشايخ المسلمين رغم أن الأمر حلال وفق الشريعة ؟ وخذ على هذا كثيرا مثل قصة إرضاع الكبير التي ضن البعض انها فتوى شاذة بينما الحقيقة انها كانت من صلب الشريعة ، و مسالة زواج الصغيرات و مفاخذتهن ، و نكاحك الوداع ..الخ من الأمور  ، فكل هذه أمور تقرها الشريعة لكن المجتمع الذي يزعم انه يريد تطبيق الشريعة يقوم بإدانتها ، فمن أين ظهرت خرافة أن الشعوب تريد تطبيق الشريعة ؟ .



ظاهريا وكما يبدو لي ، ربما يكون هذا الحديث عن تطبيق الشريعة هو حديث الجهلة ، فالمجتمع في بلادنا و الذي يجهل حقيقة الشريعة يطلبها من هذا الباب ، فالمجتمع كل ما يعرفه عن الشريعة هو ما يروجه تجار الدين أنها العدل و القسط و الرحمة ، وهذا بلا شك شيء يطلبه كل البشر ، وليس المسلمون فقط ، لكن هؤلاء الناس لو دخلوا لتفاصيل الشريعة، و تلمسوها فبلا شك سينفرون منها، أو على الأقل الشريعة بالتصور الأصولي الحالي .



وعليه فيمكن القول أن هذا التناقض بين طلب الناس للشريعة ، و رفضهم لها عمليا ، هو تناقض سببه الجهل ، فالناس بالعموم لا تعرف خبايا الشريعة و ما حشاها الفقهاء من مخازي ، وعليه فهم يطلبون بها للأمور الظاهرية الجميلة ، لكن طبعا لو علم الناس الكوارث التي ستحل عليهم بعد تطبيقها لما قبلوا ، فكما يحرذ العارفون بالأمر ، فالشريعة إذا طبقت ستحدث إعادة صياغة جذرية للمجتمع ، بدءا بنوع اللباس ،  وليس انتهاءا بتصميم المباني ، وربما لمن أن يريد رؤية مجتمعات تحكمها الشريعة حقا  فيمكنه النظر لحال أفغانستان زمن حكم طالبان ، او السودان  زمن حكم النميري ، ففي الواقع تلك نماذج  صريحة لجماعات حاولت تطبيق الشريعة ، كل الشريعة ، أما النماذج الأخرى كالسعودية ...الخ فهي في الواقع نماذج تطبق الشريعة في حدود دنيا ، وبما لا يجعلها تصطدم جذريا مع العالم ، وطبعا هي تجد راحتها في النفط الذي يغطي عورات ذلك التطبيق ، ففي ظل ان المال متوفر فيمكن للسعودية التغطية على أي مصيبة يسببها تطبيق الشريعة  5 .



إذا وكما نلاحظ فلا يوجد في الواقع طلب من المجتمعات لتطبيق الشريعة ، بل بالعكس هناك نفور منها ، ومن ابرز دلائل هذا النفور هو حالة الجاهلية التي يصف بها الإسلاميون هذه المجتمعات ، فهذه المجتمعات ولو كانت تريدا لشريعة طوعا لالتزمت بها ، لكن الواقع أن الشريعة دائما كانت تفرض بالإكراه ، وحتى إذا تبناها شعب طواعية ، فهو سرعان ما سينقلب على فعلته ، ومصر نموذج حي لهذا ، حيث وبعد سنة واحدة من إضافة المصريين للمادة 219  التي تتحدث عن أن" مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة"، قاموا بإزالتها و ابقوا على مادة "المبادئ" بلا تعريف ، والتي تقصد بها  الأخذ بعمومية المقاصد للإسلامية من عدل ورحمة ، وليس التفاصيل التي كتبها الشيوخ .




_________________________________________



1 : يجب التوضيح هنا أن الشريعة المعنية بكلامنا هي الشريعة الأصولية ، فكما نرى فلا يوجد شيء إسمه شريعة الله ، بل ما يوجد هو إجتهاد بشري يسمى شريعة ، وهذا الاجتهاد قد يكون طبعا رجعيا و متخلفا كالشريعة الأصولية اليوم ، أو قد يكون راقي و رصين إذا وجد مفكرين متنورون يصوغونه  .


3  : الشيخ عبد الرؤوف عون .

4 : وفق الشريعة فعورة الأمة هي مثل عورة الرجل ، وعليه فالتكاليف كالخمار ، و الوقار في البيت  ..الخ ساقطة على الأمة ، بل وتصل إلى أن تكون ممنوعة  .

5 : بالنسبة لدولة نفطية فهي تستطيع أن تغطي على التزاماتها الأيدلوجية بالشريعة بالدفع بمداخيل النفط ، لكن لدولة فقيرة فهي مضطرة لتضحي ومن الأمثلة لهذا ما شهدناه في تونس حيث رفضت الحركة الإسلامية النهضة الحاكمة هناك فكرة تطبيق الشريعة  ، وهذا طبعا لسبب بديهي وهو أن ذلك يمس الاقتصاد (وتحديدا القطاع السياحي) وهذا خلافا للسعودية أو إيران التي تملك و بمدخراتها من النفط هذا الترف .

شكرا .

هناك تعليقان (2):

  1. قتل أصدقائك الأربعة والتغرير بالبعض الاخر من طرف أولئك الارهابيين القتلة الهمجيين قد أثر عليك كثيرا و جعلك تحاربهم بلا هوادة عن طريق قلمك

    ردحذف
    الردود
    1. لا اخي هذا الكلام اختزال لما نقوم به من اعتراض ، فالكلام هنا مبني على مبدا رفض العنف والهمجية ، وليس لان الارهاب قتل لي اصدقاء ، فأصلا هذا غير صحيح ..لان الارهاب حاول قتل الجزائر ككل..

      تشكر

      حذف