السبت، 4 يناير 2014

المجتمع اللاعلمي وعلاقته بأزمة التعليم .                                                                

 

غالبا و حال الحديث عن أزمة التعليم في الجزائر ( أو في البلدان الشبيهة) ما نسمع تلك الأصوات التي تقول أن ضعف المناهج التعليمية  و قلة الإنفاق عن البحث العلمي هي السبب وراء هذا ، ( أيضا أن عدم الاهتمام بالجانب التنظيمي بالتعليم هو ما يفاقم الوضع ) ، و غالبا ما اعتبرت هذه الآراء تشخيص حقيقي و كلي  للأزمة ، لكن الحقيقة هي أن كل هذا الكلام (وعلى صحة بعضه) يبقى مجرد أمور هامشية أمام الحقيقة الأكيدة التي تقول " أن أي أنفاق أو تطوير للمناهج التعليمية إذا لم يتوازى مع احتضان شعبي للمعارف العلمية فإنه لن يؤتي أؤكله  ، فالعلوم بهذه الطريقة ومهما ما اجتهد فيها ستظل في النهاية حبيسة أروقة المدارس و مدرجات الجامعات وهذا لا يصنع مجتمعا علميا " .

اليوم لقد بات من المعروف في اغلب المجتمعات المتطورة أن العلم لا يمكن تدريسه كله في المدارس ، فالطالب إذا اعتمد على المدرسة كوسيلة وحيدة للتحصيل سيجد صعوبة في تلقي هذا الكم الهائل من العلوم الحديثة ، بل و قد يجد استحالت في تحصيها هناك ، لهذا فقد اعتمدت تلك المجتمعات لتلقين سلس و مريح للطالب إلى وسيلة أن يكون العلم منتشرا في المجتمع ككل ، (تشجيع المطالعة ، تشجيع الملتقيات العملية الخاصة ، المبادرة على الحوارات العلمية بين الناس ) فالطالب بهذه الطريقة يمكنه أن يستفيد من فهم العلوم ليس عن طريق دراسته في المدرسة فقط ؛ بل وفي عموم حياته اليومية .

حاليا و بالنظر  للجزائر فيمكن بسهولة معرفة لما لا تطور علمي لدينا ، فنحن كمجتمع نعتبر العلم أخر اهتماماتنا ، و لو تابعنا الحوارات التي تدور بين الناس كمثال لوجدنا أن العلم غائب فيها تماما ، فالناس عامة إما يناقشون أمور سياسية أو جنسية أو دينية ، وحتى هذه الأمور إذا نوقشت فتناقش بطريقة غير عملية  ، وعليه وفي مناخ كهذا كان لابد أن ينعكس الوضع على شكل ضعف عام لدى الطلاب الجزائريين ، فهم لا يمارسون العلم إلا لفترة محدودة داخل المدرسة  ، ثم هم حين ينهون الدارسة ينتهي بهم الأمر إلى فقدان كل ما تعلموه  ، لان ما لا يتم استدراكه دوريا ينسى سريعا . 

بالمختصر إن مشكلة التعليم في الجزائر هي في "لاعلمية المجتمع" ، على هذا فإن أي حديث عن نهضة أو تطوير التعليم في الجزائر مستقبلا لابد له الوعي أن المعرفة تبدأ من المجتمع ذاته لا من المدرسة التي هي امتداد له ، فالمجتمع إذا ما تشرب الروح العلمية وتبناها فهذا سينعكس لا محالة على حال المدرسة ..أما إذا ظل كما هو غارق في الجهل و الشعوبية فإن أي محاولات للإصلاح ستبوء بالفشل ، فنفس هذا المجتمع الذي يعلم هو الذي يُجهِّل ، و بهكذا مسار لن تقوم لأي شيء قائمة .


شكرا .

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق