الجمعة، 7 فبراير 2014

الخطاب الديني و المؤمن الذكي .                                                                             

                                                                                                  


لا شك أغلبكم يعرف القول المأثور الذي يقول (حدثوا الناس على قدر عقولهم ) ، أو كما يروى عن الإمام علي "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ " وهو القول الذي يقصد به أن على الفقهاء أو غيرهم  أن يحدثوا المؤمنين على قدر مقدرتهم على الفهم  ليفهموا ، فكما نعلم لكل إنسان مستوى معين من الوعي ، فإذا حدثناه بغير مستواه فهو لن يفهم ؛ وحقيقة و بقدر إعجابي بهذه المقولة و عمل الكثير من الفقهاء بها  لكن  يبقى السؤال الذي يحيرني دائما هو "لماذا يفسر الفقهاء هذه المقولة دائما على أنها تعني محدودي الذكاء فقط ؟" فأنت لا تكاد تجلس لتسمع درس ديني أو خطبة جمعة إلا ووجدت الواعظ يحدث الناس وكأنهم لم يدرسوا حتى في الحضانة ، فالخطاب الديني دائما هو خطاب سطحي اختزالي تبسيطي حد السذاجة ، في المقابل فالأذكياء و أصحاب مستويات الفهم العليا و الذين يفترض أن يكون لهم حظ من هذا الخطاب فهم مستثنون تماما منه .


شخصيا كنت اعتقد في البداية حين انتبهت لهذا الأمر انه أسلوب اخذ عليه الفقهاء من القديم ، فقديما كان الجهل مستشري بين الناس و الفقهاء ألفوا  على هذا الأسلوب من الوعظ ، لكن اليوم أرى أن الأمر ليس عادة بل هو  محدودية في الخطاب .. فهؤلاء الفقهاء لا يملكونا أصلا غير هذا التصور الضيق و البدائي  ليروجوه ، ولو كان لهم غيره لكنا سمعناه في مجالس أخرى ، وهذه هي الحقيقة ، فاليوم  ورغم طوابير خريجي الجامعات و المدارس العليا  وأصحاب الشهادات إلا انه لا يوجد إلا نادرا جدا أن تجد فقيه يحدث الناس بخطاب إسلامي معاصر يراعي التطور العلمي والمعرفي ونسب الذكاء المرتفعة للمستمعين  ، أما الأغلبية طبعا فكلها غارقة في جاهلات وأفكار من العصور السحيقة .

حقيقة ما يحصل اليوم للخطاب الديني الإسلامي انه بات خطاب الجهل ، فقد سيطر عليه منذ زمن التصور الخرافي و التسطيحي وعليه أقول لكن إنسان متعلم بات لا يقنعه هذا الأمر أنه ليس وحيدا  فاليوم جل المتعلمين و أصحاب الذهن الحي باتوا ينفرون منه ، وهؤلاء غالبا ما يطورون تصوراتهم الإيمانية بمعزل على الخطاب المتداول ، على هذا فإذا كنت من هذه الفئة فأنت لست شاذا عن القاعدة ، بل الشاذ هو هذه الحالة من رواج الجهل و الخرافة التي يراد لها أن تسيطر  .. (مهدى للزميلة صابرين ) .
 
شكرا .

هناك تعليقان (2):

  1. أشكرك كثيرا على اهدائك لي هذا المقال المهم
    أود أن أعلمك بأنني كتبت تعليقا على الموضوع
    غير أنني لم أره منشورا ولست أدري أين يكمن الموضوع على العموم سأعيد كتابة التعليق مرة أخرى

    صابرينة

    مع تحياتي

    ردحذف
  2. المتأمل في حال أغلب الفقهاء والأئمة والدعاة يجد في مضمون خطاباتهم ومواعظهم ببغائية تتسم بالحشو الديني لمعلومات هزيلة ومتكررة ، تغلب عليها الأوهام والاعتقادات الخاطئة المتوارثة منذ العصور الجليدية للانحطاط الاسلامي ، حيث ترسخت عبر الزمن وتراكمت حتى أدت الى الجمود الفكري المعارض لسنة التطور ، وهذه الخطابات والمواعظ السطحية تقتات على مائدة فكر قديم قائم على التلقين والحفظ و الاسترجاع ، ولا مجال فيه أبدا للنقد والتمحيص ولا للتفكير أو الابداع ، وذلك بسبب قلة وعي أصحابها وضيق أفقهم وجهلهم لأصول العلوم العامة ومبادئها ، وقد عجزوا عن مواكبة ما يجري حولهم من حراك وتفاعلات وأحداث هامة ، كما عجزوا عن مواجهة تحديات العصر و مستجداته وثورته المعرفية المتدفقة ،والغريب في الأمر أنهم يحكمون على عصرنا الحاضر بعقلية متأخرة ، تحجرت عند علوم القدماء ، وتجدهم يعيدون طباعة الكتب التراثية الدينية التي تم تأليفها في عصور الغفوة الاسلامية ،موهمين الناس أن في بطون تلك الكتب يكمن الحل الشافي لمشاكل عصرنا ، فتم بذلك تضليل الكثير من الشباب المسلمين الذين استحوذت على عقولهم تلك المزاعم وخرجوا علينا بما سموه الصحوة الاسلامية
    تلك الخطب الجوفاء التي يلقيها علينا أولئك الوعاظ والأئمة عبر المنابر ، وعلى شاشات التلفزيون والاذاعة وفي قاعة المحاضرات ، أصبحت مملة و مسببة لنفور الناس منها ، والأسوء أنهم تسببوا في نشوب الخصومات و بث الفرقة والاختلاف حول مسائل دينية هامشية على حساب القضايا الجادة ، كما تسببوا في ضياع الناس في الجهل و الأوهام والقدرية التي تدعو الى التواكل والكسل والتنصل من المسؤوليات ، مع تعطيل ملكات العقل والتفكيروالابداع ، فأصبح الشباب سطحي التفكير، ضعيف الوعي ، غرير وساذج ، يسهل اقناعه واستدراجه لممارسات خاطئة كالتعصب و نبذ الاخر والتطرف والارهاب
    والحل يكمن في تجديد الخطاب الديني بتكوين الدعاة ورجال الدين فكريا وعلميا ، وتغيير عقلياتهم وأساليب تفكيرهم ، من عقلية الجهل والأساطير الى العقلية العلمية التي لا تؤمن الا بالحق والحقيقة ، وذلك بتبني العلوم والمعارف بجميع أنواعها وبالجد والاجتهاد واتباع الأساليب العلمية المتطورة وباستعمال الأدوات المعرفية العصرية ، كما يجب أن يتم انتقاء الداعية أو الواعظ على أساس شروط معينة كسعة المعرفة والاطلاع على المواضيع التي يعالجها ويدعو اليها ، وأن يكون هادئا رزينا غيرمنفعل ، وأن لا يكون متعصبا أو نابذا للاخر، مواكبا للعصر وتطوراته ملما بما يجري حوله من مستجدات
    صابرينة

    ردحذف