رغم هذا الجمال الذي تحويه
الطبيعة إلا إن هذا لا يغطي حقيقتها المتوحشة ، فالطبيعة تعني سيادة القوة و انتصار العنف .
إن الإنسان بمعناه
المتجلي هو نقض للقوة ، فالإنسان لا يقدس القوة بل يناهض القوة ، فالقوة عدوة الضعف ، و الضعف
ليس بجريمة .
إن الإنسانية في جوهرها هي إعلان للتمرد على حق
القوة ، فالإنسان حين يتضامن مع الضعيف إنما هو يعصي
الطبيعة ويتمرد عليها ، فالطبيعة تملي عليه أن يسود ككائن أقوى ، لكنه يقاوم حيث
يضحي القوي ليحيا الضعيف .
إن الإنسانية ببساطة تعني أن نخالف الطبيعة ، بل وان
نحاول نقضها ، لان الطبيعة هي دعوة للتوحش ( سيادة الأقوى ، البقاء للأعنف ،
الحياة لمن لم يبادر بالقتل أسرع ) في المقابل فالإنسانية هي ثورة على كل هذا الإجرام
.
إن الطبيعة منهج لا أخلاقي .. غير عادل .. وغير رحيم ، إنها
ببساطة منهج شرير بلا إرادة شريرة .. أما الإنسانية فهي بالأساس
نزعة خيرة .
انه لا معنى لقوانين الطبيعة إلا أن الأقوى دائما هو الذي
على حق وهذا أمر لا يحمل أي معنى أخلاقي ،
لهذا فلو قدر للإنسان أن يطيع الطبيعة لما كان لديه ضمير ، فالضمير هو سيادة للعدالة
على منطق الأمر الواقع ، و سيادة لمنطق الرحمة على منطق القسوة ، و سيادة لقوة
الحق ، على منطق حق القوة .
إن قصة تطور الإنسان
في واقعها هي قصة ثورة الكائن الحي على الطبيعة .
شكرا .