المجتمع اللاعلمي وعلاقته بأزمة التعليم .
غالبا
و حال الحديث عن أزمة التعليم في الجزائر ( أو في البلدان الشبيهة) ما نسمع تلك الأصوات
التي تقول أن ضعف المناهج التعليمية و قلة
الإنفاق عن البحث العلمي هي السبب وراء هذا ، ( أيضا أن عدم الاهتمام بالجانب التنظيمي
بالتعليم هو ما يفاقم الوضع ) ، و غالبا ما اعتبرت هذه الآراء تشخيص حقيقي و كلي للأزمة ، لكن الحقيقة هي أن كل هذا الكلام (وعلى
صحة بعضه) يبقى مجرد أمور هامشية أمام الحقيقة الأكيدة التي تقول " أن أي أنفاق
أو تطوير للمناهج التعليمية إذا لم يتوازى مع احتضان شعبي للمعارف العلمية فإنه لن
يؤتي أؤكله ، فالعلوم بهذه الطريقة ومهما
ما اجتهد فيها ستظل في النهاية حبيسة أروقة المدارس و مدرجات الجامعات وهذا لا
يصنع مجتمعا علميا " .
اليوم
لقد بات من المعروف في اغلب المجتمعات المتطورة أن العلم لا يمكن تدريسه كله في
المدارس ، فالطالب إذا اعتمد على المدرسة كوسيلة وحيدة للتحصيل سيجد صعوبة في تلقي
هذا الكم الهائل من العلوم الحديثة ، بل و قد يجد استحالت في تحصيها هناك ، لهذا فقد
اعتمدت تلك المجتمعات لتلقين سلس و مريح للطالب إلى وسيلة أن يكون العلم منتشرا في
المجتمع ككل ، (تشجيع المطالعة ، تشجيع الملتقيات العملية الخاصة ، المبادرة على الحوارات
العلمية بين الناس ) فالطالب بهذه الطريقة يمكنه أن يستفيد من فهم العلوم ليس عن
طريق دراسته في المدرسة فقط ؛ بل وفي عموم حياته اليومية .
حاليا
و بالنظر للجزائر فيمكن بسهولة معرفة لما
لا تطور علمي لدينا ، فنحن كمجتمع نعتبر العلم أخر اهتماماتنا ، و لو تابعنا الحوارات
التي تدور بين الناس كمثال لوجدنا أن العلم غائب فيها تماما ، فالناس عامة إما
يناقشون أمور سياسية أو جنسية أو دينية ، وحتى هذه الأمور إذا نوقشت فتناقش بطريقة
غير عملية ، وعليه وفي مناخ كهذا كان لابد
أن ينعكس الوضع على شكل ضعف عام لدى الطلاب الجزائريين ، فهم لا يمارسون العلم إلا
لفترة محدودة داخل المدرسة ، ثم هم حين
ينهون الدارسة ينتهي بهم الأمر إلى فقدان كل ما تعلموه ، لان ما لا يتم استدراكه دوريا ينسى سريعا .
بالمختصر
إن مشكلة التعليم في الجزائر هي في "لاعلمية المجتمع" ، على هذا فإن أي حديث
عن نهضة أو تطوير التعليم في الجزائر مستقبلا لابد له الوعي أن المعرفة تبدأ من المجتمع
ذاته لا من المدرسة التي هي امتداد له ، فالمجتمع إذا ما تشرب الروح العلمية وتبناها
فهذا سينعكس لا محالة على حال المدرسة ..أما إذا ظل كما هو غارق في الجهل و الشعوبية
فإن أي محاولات للإصلاح ستبوء بالفشل ، فنفس هذا المجتمع الذي يعلم هو الذي يُجهِّل
، و بهكذا مسار لن تقوم لأي شيء قائمة .
شكرا
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق