لاشك من يتابع الصراعات
الدائرة الآن بين وزارة الشؤون الدينية و السلفية حول إمامة المساجد ، قد يضن أن الأمر
صراع متعلق بالالتزام الديني و بتقوى الله ، حيث نرى كل هذا الحماس من السلفية
للتمسك بالمساجد ، لكن في الواقع الأمر عكس ذلك تماما ، فهذا الصراع هو صراع مادي
بحث ، بل مغرق في ماديته .
إن حرص السلفية للسيطرة
على المساجد في الواقع هو حرص بالأساس على السلطة ولا شيء غيرها ، فالسلفية يعتبرون
أن أول خطوة للسيطرة على الحكم هي بالسيطرة على منبر له القدرة على نشر الأفكار بين
الناس ، وعليه فهم ولكي يتغلغلوا في
المجتمع فنحن نراهم يزاحمون الوزارة في السيطرة على الخطاب المسجدي ، فالإمام كما
نعلم لديه خمس مرات في اليوم على الأقل لنشر أفكاره بين الناس وهذا أمر مغري ، وعليه ولكون الوزارة تعلم هذا ،
فهي تحاول جاهدة منع سقوط هذا المنصب في يد السلفية لكي لا يتحول إلى وسيلة لنشر
الفوضى ؛ خاصة طبعا و أنها تعلم حصيلة التجارب السابقة ، فمن الدروس التي تعلمتها
الوزارة من التاريخ أن السبب الرئيس لما حصل في التسعينات هو غفلة الدولة على ما
يحدث في المساجد ، ففي حينها كانت يد الدولة بعيدة عن الواقع المسجدي وهو ما أدى
إلى تغلغل الفكري السلفي و الإخواني في المساجد ، والذي أدى لاحقا إلى محاولات
هؤلاء لإنشاء الأمارة الإسلامية الإرهابية على حساب الدولة الوطنية الجزائرية ،
وعليه فاليوم الصراع الذي تقوده وزارة الشؤون الدينية ضدهم ،ليس سوى منعا لتكرار
ذلك السيناريو الذي حدث في التسعينات ، فالوزارة تعلم إن السلفية إذا تغلغلوا في
المساجد فلا شك سينشئون جيلا من الإرهابيين
سيسعى لا محالة للإطاحة بالدولة ، ، خاصة طبعا أن الوزارة تأكدت من زيف فكرة
السلفية العلمية التي لطالما روج له السلفية بأنها الضمان لعدم تحول السلفي لإرهابي
، فالواقع أن الحالة السورية اثبت أن السلفي
، بل و الإسلامي عموما لا أمان له ، فهو يمارس التقية حال الضعف فقط ، لكن
ما أن يقوى حتى يحاول التمرد .
على هذا فالصراع اليوم
حول المساجد الذي يقوده السلفية والتي تتصدى له وزارة الشؤون الدينية ، هي حرب
مادية حول السلطة لا أكثر ، و بالنسبة لوزارة الشؤون الدينية فالوزارة هنا تقف
موقف المؤسسة الوطنية التي تسعى لحماية الوطن من الإرهاب ، في المقابل فالسلفية و
الإسلاميون هم من يمثل الطرف الآخر الباحث عن الخراب والدمار للبلاد .
شكرا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق