الجمعة، 28 مارس 2014
الخميس، 27 مارس 2014
السلفية و الوطن .
غالبا وحال الحديث عن "لاوطنية السلفية" ما يخرج السلف
للزعم أن هذا الكلام غير صحيح ، و أنهم وطنيون حتى أكثر من الوطن نفسه ..وطبعا يرغي
السلفية في هذا ويزبدون ، لكن الحقيقة أن هذا الكلام منهم ليس سوى كلام إنشائي لا
أكثر ، لأنه وبنظرة لعقائد السلفية و أفكارهم نجد أنه لا يمكن أن تجتمع السلفية و
الوطنية بتاتا ، فهذا الأمر من الأمور المستحيلة .
السلفية ببساطة لا يمكن يكونوا وطنيين لان هذا يتناقض مع شرط من شروط الإيمان لديهم أو ما يسمى عندهم بالولاء و البراء ، و المعنى من الولاء و البراء لدى السلفية على حد شرح ابن تيمية هو " أن المؤمن لا يحب إلا لله، ولا يبغض إلا لله ، ولا يوالي إلا لله، ولا يعادي إلا لله، وأن يحبّ ما أحبّه الله، ويبغض ما أبغضه الله " ..( أي أن الإنسان عليه أن يبغض و أن يعادي كل من لا يؤمن بالله ، وان يحب وأن يوالي كل من يؤمن به ) وهنا و لمن لا يلاحظ المشكلة ، فالمشكلة أن هذا المفهوم للولاء و البراء يناقض مفهوم الولاء و البراء الوطني ، فالولاء و البراء في الدولة الوطنية يقوم على أساس الوطن ، فالمواطن يوالي كل إخوته المواطنين في البلاد مهما ما كانت أديانهم و معتقداتهم وأعراقهم ، وهذا لكون الدولة هي الجامع ، ولان المصلحة الوطنية تقضي بان يتكاتفوا كالشعب سواسية لحمايتها ، ..في المقابل فالولاء و البراء السلفي قائم على الدين ، فالسلفي يوالي من على دينه وجماعته فقط ويعادي غيرهم ،و الهدف من الولاء والبراء لديهم هو إعلاء قيمة الدين (لا إعلاء قمة الوطن ) ومن هذا المنطلق وكما نلاحظ يحصل الإشكال ، فالسلفي يصبح لا يؤمن بوطنه ، ولا يتعاون مع أخوته المواطنين ، وهذا طبعا بالمنظور الوطني كارثي ، لان المواطن يجب أن يعلي من قيمة أخوته المواطنين ، وان يعلي من صالح بلاده ، وليس أن يعلي قيمة الأجانب ، فكمثال على هذا يمكن للسلفي إن يخون وطنه إذا أمرته جماعته من إخوته في الدين بفعل هذا ، و السلفي لن يرى مشكلا في الأمر ، فوطنه الأصلي جماعته الدينية ، وليس بلاده ، لهذا فلا يهم إذا دمر الوطن بالإرهاب إذا كان الإرهاب يخدم مصالح الجماعة الدينية .
إذن وكما نلاحظ فالسلفية كمذهب لا يمكن أن تتفق و مبدأ المواطنة الذي تقوم عليه الدولة الوطنية ، فهؤلاء يرون في جل الشعب كافر و شعبا واجبا البراء منه ، لهذا فهم لن يكونوا وطنيين مهما أدعوا ، فالإنسان بهذا المنطق إما يكون مواطن وإما يكون سلفي ، فالسلفي لا يمكن أن يكون موطنا دون أن يفقد سلفيته ، و المواطن لا يمكن أن يكون مواطن دون أن يفقد وطنية ، وعليه فعبارة سلفي وطني هي عبارة مستحيلة مثل عبارة (أعزب متزوج ) أو عبارة ( عاقل مجنون ) .
شكرا .
الثلاثاء، 18 مارس 2014
بخصوص الصراع حول إمامة المساجد .
لاشك من يتابع الصراعات
الدائرة الآن بين وزارة الشؤون الدينية و السلفية حول إمامة المساجد ، قد يضن أن الأمر
صراع متعلق بالالتزام الديني و بتقوى الله ، حيث نرى كل هذا الحماس من السلفية
للتمسك بالمساجد ، لكن في الواقع الأمر عكس ذلك تماما ، فهذا الصراع هو صراع مادي
بحث ، بل مغرق في ماديته .
إن حرص السلفية للسيطرة
على المساجد في الواقع هو حرص بالأساس على السلطة ولا شيء غيرها ، فالسلفية يعتبرون
أن أول خطوة للسيطرة على الحكم هي بالسيطرة على منبر له القدرة على نشر الأفكار بين
الناس ، وعليه فهم ولكي يتغلغلوا في
المجتمع فنحن نراهم يزاحمون الوزارة في السيطرة على الخطاب المسجدي ، فالإمام كما
نعلم لديه خمس مرات في اليوم على الأقل لنشر أفكاره بين الناس وهذا أمر مغري ، وعليه ولكون الوزارة تعلم هذا ،
فهي تحاول جاهدة منع سقوط هذا المنصب في يد السلفية لكي لا يتحول إلى وسيلة لنشر
الفوضى ؛ خاصة طبعا و أنها تعلم حصيلة التجارب السابقة ، فمن الدروس التي تعلمتها
الوزارة من التاريخ أن السبب الرئيس لما حصل في التسعينات هو غفلة الدولة على ما
يحدث في المساجد ، ففي حينها كانت يد الدولة بعيدة عن الواقع المسجدي وهو ما أدى
إلى تغلغل الفكري السلفي و الإخواني في المساجد ، والذي أدى لاحقا إلى محاولات
هؤلاء لإنشاء الأمارة الإسلامية الإرهابية على حساب الدولة الوطنية الجزائرية ،
وعليه فاليوم الصراع الذي تقوده وزارة الشؤون الدينية ضدهم ،ليس سوى منعا لتكرار
ذلك السيناريو الذي حدث في التسعينات ، فالوزارة تعلم إن السلفية إذا تغلغلوا في
المساجد فلا شك سينشئون جيلا من الإرهابيين
سيسعى لا محالة للإطاحة بالدولة ، ، خاصة طبعا أن الوزارة تأكدت من زيف فكرة
السلفية العلمية التي لطالما روج له السلفية بأنها الضمان لعدم تحول السلفي لإرهابي
، فالواقع أن الحالة السورية اثبت أن السلفي
، بل و الإسلامي عموما لا أمان له ، فهو يمارس التقية حال الضعف فقط ، لكن
ما أن يقوى حتى يحاول التمرد .
على هذا فالصراع اليوم
حول المساجد الذي يقوده السلفية والتي تتصدى له وزارة الشؤون الدينية ، هي حرب
مادية حول السلطة لا أكثر ، و بالنسبة لوزارة الشؤون الدينية فالوزارة هنا تقف
موقف المؤسسة الوطنية التي تسعى لحماية الوطن من الإرهاب ، في المقابل فالسلفية و
الإسلاميون هم من يمثل الطرف الآخر الباحث عن الخراب والدمار للبلاد .
شكرا .
الجمعة، 7 مارس 2014
في معنى الجوهرة المكنون .
بمناسبة اليوم العالمي
للمرأة الذي يصادفنا هذه الأيام ، وددت اليوم الحديث عن المرأة ، و تحديدا حول وصف
الجوهرة المكنونة الذي لطالما وصفت به المرأة
في بلادنا .
حقيقة هذا الوصف وبرغم
أنه يبدو في ظاهره ذو مغزى ايجابي ، حيث
توصف المرأة بأنها جوهرة نسبة لأهمية الجواهر، لكن الحقيقة انه أيضا يحمل مضامين سلبية
مختزنة في باطنه ، فعلى سبيل المثال يمثل وصف الجوهرة للمرأة إيحاءا ضمنيا نحو الامتلاك
، فحين نصف امرأة بأنها جوهرة فنحن نوحي بأننا نمتلكها مثلها مثل الجواهر ، وهذا طبعا
لا يمكن أن يكون وصفا حميدا ، لان المرأة كائن مستقل ولا يمكن أن تمتلك (إلا في إطار من الاحتقار لذاتها كالاسترقاق مثلا)
الشيء الآخر حول وصف الجوهرة ، هو انه وصف يوحي بمضامين مادية ، فالجوهرة شيء ذو
قيمة مادية ، والقيمة المادية يمكن أن تزول ، وعليه فهذه الجهورة الثمينة كما نصفها اليوم ، قد
تغذوا غدا ( في حالة شيخوخة مثلا ) لا تساوي شيء ، وعليه فهذا
الوصف للمرأة بالمفهوم القيمي المادي لا يمكن أن يمثل نظرة ايجابية ، لان المعيار
فيه شيء زائل ، وليس شيء معنوي دائم .
إذن وكما نلاحظ فوصف
الجوهرة المكنونة وان كان ظاهره ايجابيا ،
إلا انه من الداخل يختزل إيحاءات سلبية كارثية ، و إذا جئنا للتدقيق أكثر فهي
بالذات السلبيات التي تعاني منها بلادنا في نظرتها للمرأة ، فعلى سبيل المثال يمثل وصف الجوهرة إسقاطا لاواعيا (أو واعيا) لمفهوم
الامتلاك الذي يريد الرجل تعزيزه نحو المرأة ، فالرجل عندنا لا يريد الاعتراف باستقلالية
المرأة ، وعليه فهو يعكس رغبته هذه في ذلك
الوصف الذي يوحي بالسيطرة و الاستحواذ ، و ما يزيد التأكيد على هذا هو وصف
المكنونة ( المكنونة أي المستورة و البعيدة عن الأعين ) ، فالرجل يريد المرآة كقطعة
من أشياءه التي يمتلكها ، والتي هي قيمة مادامت خاضعة له فقط ، أما اذا تصرفت باستقلالية أو تقادمت كما
تتقادم الأشياء (هرمت أو مرضت أو أصابها عجز ) ، فهي تفقد قيمتها المادية عنده .
على هذا و كما نرى فوصف
المرأة بالدرة المصون والجوهرة المكنون ، لا يعني بأي حال من الأحوال تقدير و
احتراما للمرأة ككائن مستقل واجب الاحترام
، بل الأمر أنه حمى من الامتلاك و الاستحواذ التي تسيطر على البعض ، و الذي هو
بالذات منشأ هذا الوصف ، ففي إطار تجريد المرأة من إنسانيتنا لإدخالها في حيز الأشياء
،تم الاستعاضة عن المرأة الإنسان ، بالمرأة الجوهرة ، فهكذا وبدل أن تكون المرأة كائن مستحق الاحترام والتقدير ،
تصبح مجرد شيء من أشياء السيد الرجل .
شكرا .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)